تأثير البيئة الإجتماعية و الثقافية على الأداء الوظيفي للإدارة العامة الجزائرية

Abstract

عالجت هذه الاطروحة موضوع تاثير البيئة الاجتماعية و الثقافية على الاداء الوظيفي للادارة العامة الجزائرية، فمن دون شك تعد هذه الاخيرة قبل كل شيء نظام اجتماعي تفاعلي - شانها في ذلك شان الادارة العامة في باقي الدول - تعمل في بيئة محيطة سريعة التغير في مكوناتها المختلفة، لعل ابرزها جملة العوامل الاجتماعية و الثقافية و ما تحويه من عوامل التاثير في سلوك العاملين، باعتبارهم جزءا من هذا المجتمع يتاثرون به و بما يحمله من قيم و معايير تحدد نمط سلوكهم الاداري: كالثقافة، القيم، العادات و التقاليد، معايير السلوك، كل ذلك يؤثر في نمط التسيير و طريقة العمل، و مدى تحقيق الاهداف و هذا ما يفرض على الادارة العامة الجزائرية دراسة و تحليل تلك التغيرات و بدقة، للتكيف معها في مرحلة اولى، و التاثير فيها بايجابية في مرحلة ثانية، من خلال تجنيد كل الموارد و الطاقات البشرية منها و المادية و بذل جهود اكبر لتنمية قدراتها و تحسين ادائها. بالتالي يمكن ادراك اهمية هكذا موضوع انطلاقا من قيمته النظرية العلمية و مكاسبه التطبيقية العملية، اما العلمية فتتجلى في عدد من المتغيرات التي تضمنها عنوان الموضوع، و التي طالتها الدراسات المتقدمة و المتاخرة في ميدان العلوم السياسية من "بيئة الادارة العامة"، "الاداء الوظيفي" الى "الادارة العامة الجزائرية"، حيث تزداد قيمة المتغير الاول بالانفتاح الكبير للادارة العامة على البيئة المحيطة بها نتيجة تلاشي الحدود بينهما، و تطور الاطر المنهجية و المقاربات النظرية المساعدة على دراسة ذلك. فموضوعنا هذا يقع ضمن مجال الدراسات السوسيوثقافية للادارة العامة، الجديد فيه محاولة استكشاف الظواهر و التحولات الكبرى المؤثرة في سيرورة و مدى تاثير النظام الاجتماعي و الثقافي السائد في الجزائر على الاداء الوظيفي للادارة العامة الجزائرية. و ان كانت تلك هي القيمة العلمية للموضوع باختصار، و لانه يستوعب العديد من المتغيرات ذات الاعتبار، هنا يبرز مكسبه العملي في مساهمة مخرجات الموضوع في تعميم النتائج ليست كما كانت او كما هي كائنة، بل كما يجب ان تكون بالنسبة لكل فاعل و تاثيره على الاداء الوظيفي و الادارة العامة الجزائرية، بالاضافة الى اثراء المعرفة العلمية حول الموضوع، لانه على الرغم من كثرة الدراسات التي تناولت الادارة العامة، الا انه ما زال هناك قصور من قبل الباحثين في دراسة و مناقشة الادارة العامة وفق منظور سوسيوثقافي. ان التحول في مجال، مفهوم و ظروف عمل الادارة العامة من منطق الادارة المغلقة الى ادارة مفتوحة على البيئة بكل مكوناتها و بالاخص البيئة الاجتماعية و ما تحتويه من عناصر يمكن ان تشكل فرص لابد من الاستفادة منها و استغلالها، او تهديدات يجب الاستعداد لها و مواجهتها من اجل ضمان بقاء و استمرار الادارة العامة، و تفعيل ادائها و تحسين مخرجاتها، و لكون الادارة العامة الجزائرية يسري عليها ما تم ذكره و بغرض تحليل و دراسة مستويات و اتجاهات تاثير البيئة على الاداء الوظيفي للادارة العامة الجزائرية، خاصة البيئة الاجتماعية و الثقافية، وفرنا عنونة مركبة للبحث تتمثل في تاثير البيئة الاجتماعية و الثقافية على الاداء الوظيفي للادارة العامة الجزائرية، اذ لا ندعي بعنونة كهذه التثمسن القبلي او الجزم بتاثير البيئة الاجتماعية و الثقافية على الاداء الوظيفي للادارة العامة الجزائرية، و انما اختيار منتهى هذه المساهمة و النظر وجوديا، معرفيا و قيميا في مقاصدها، و على ضوء ما سبق يمكن طرح اشكالية الدراسة وفقا للصياغة التالية: الى اي مدى استطاعت الادارة العامة الجزائرية في بنائها و ادائها ان تعكس حقيقة مخرجات بيئتها الاجتماعية و الثقافية؟ ربما لا تكفي صياغة اشكالية الموضوع بهذا القدر من الاتساع لاستيعاب العدد الهائل من المشكلات العلمية و العملية التي يكشف عنها البحث، و عليه ليس من سبيل لضبطها الا جملة الاسئلة الفرعية التالية: 1- ما طبيعة كل من الادارة العامة و البيئة الاجتماعية؟ 2- ما واقع اداء الادارة العامة الجزائرية؟ 3- ما هو مستوى التفاعل الايجابي بين الادارة العامة الجزائرية و بيئتها الاجتماعية و الثقافية؟ 4- ما طبيعة السلوكات الاجتماعية و الثقافية الموروثة و المكتسبة التي استمدها الموظف الجزائري من بيئته و كيف اثرت في ادائه؟ انطلاقا من معالجة الفرضية الاساسية التي تبنتها الدراسة، و استنادا الى جملة المقاربات النظرية المعتمدة و بالاخص نظرية النظم المفتوحة التي تفيد بان الادارة العامة لا تعمل في فراغ لكونها تمثل نظاما مفتوحا على البيئة تحصل منها على مداخلاتها من ناحية، و تصدر اليها مخرجاتها من انظمة فرعية تتفاعل مع بعضها و مع البيئة وفق نسق منهجي محكم، فقد ركزت الدراسة على اهم المتغيرات بالبيئة الاجتماعية و الثقافية لانها تشكل الاطار العام للمجتمع الجزائري كالعادات و التقاليد، القيم الاجتماعية السائدة، الاتجاهات و الافكار التي تعارف عليها المجتمع الجزائري التي لها التاثير الكبير على سلوكيات و تصرفات الموظفين التي تعكس اتجاهاته و اتخاذه للقرارات المختلفة و كفاءة ادائه الوظيفي. و من خلال عملية الدراسة و التحليل التي تمت وفقا مسار منهجي و نظري محدد، توصلنا الى جملة النتائج التالية: - التحليل البيئي عملية استراتيجية تقوم بها الادارة العامة بغية الاستفادة من نقاط القوة و الضعف. - يساعد التحليل البيئي للبيئة الاجتماعية و الثقافية المنظمة على التكييف مع بيئتها المتغيرة. - الادارة العامة الجزائرية ورثت جملة من الانحرافات و المشاكل سواء في الوظيفة او الافراد القائمين على ادارتها. - الادارة العامة الجزائرية كغيرها من التنظيمات تعد كائن حي يتاثر بالبيئة المحيطة به كما يؤثر فيها بدوره. - يعبر الاداء عن فاعلية و انتاجية الافراد لبلوغ الاهداف التي وجدت من اجلها المنظمات. - يرجع ضعف الاداء الوظيفي للادارة العامة الجزائرية الى تاثير عدة عوامل لعل ابرزها اهمال فلسفة و عادات و تقاليد المجتمع الجزائري و عدم تكييف النظام البيروقراطي المستورد مع طبيعة البيئة الاجتماعية و الثقافية السائدة بالمجتمع الجزائري التي تشكل اللبنة الاولى في تكوين و بلورة شخصية الفرد الجزائري. كما توصلنا الى جملة التوصيات التالية: - ضرورة التفاعل الايجابي بين الادارة العامة الجزائرية و المتغيرات البيئية الاجتماعية و الثقافية خاصة عنصر القيم الاجتماعية. - ضرورة ان تكون الادارة العامة الجزائرية مرنة و لمواكبة تغيرات بيئتها الاجتماعية و الثقافية و الاستجابة لمتطلباته و ادراك فلسفة المجتمع الجزائري، باستخدام اسلوب المسوحات لواقع التنظيم و بيئته عن طريق الاستعانة بفرق العمل لدراستها و تحليلها و معرفة درجة تاثير كل متغير في نمط ادائها و معرفة الية الاستفادة منها لتحسين ادائها. تكييف القواعد القانونية لكي تتلائم مع المتغيرات البيئية على المستوى المحلي و الدولي. - الوحدات الادارية بالجزائر عادة تتضمن عددا ضخما من الوظائف الادارية يشغلها عددا هائلا من الموظفين لذلك لابد من اصدار قوانين و مراسيم ادارية لتنظيم و تحسين النشاط الاداري. - الاعتناء الكامل بتكوين اطارات ذات القدرات الادارية القادرة على انجاح مشاريع التنمية. - تطبيق مبدا الاجر المتساوي للعمال و الابتعاد عن التمييز بين الادارة العامة في القطاع الخدماتي و الادارة العامة في القطاع الانتاجي. This thesis addressed the impact of the social and cultural environment on the functional performance of the Algerian public administration, the latter is undoubtedly above all an interactive social system - like public administration in other countries - operating in a surrounding rapidly changing environment in its various components, perhaps the most notably are the social and cultural factors and its factors affecting the behavior of workers, as part of this society influenced by it and its values and standards that determine the pattern of their administrative behavior, and this what forces the Algerian Public Administration to study and analyse these changes accurately, to adapt to them at the first stage, and to influence them positively in a second phase, by recruiting all human and material resouces and energies and making greater efforts to develop their capacities and improve their performance. Thus, the importance of such a topic can be understood based on its scientific theoretical value and practical benefits. As for the scientific, it is reflected in a number of variables included in the topic title, which were covered by advanced and late studies in the field of political science from "the public administration environment", "the functionalperformance" to " the management Algerian public", as the value of the first variable increases with the great openness of the public administration to the surrounding environment as a result of the erosion of the borders between them, and the development of methodological frameworks and theoretical approaches to help study this. As we do not claim under the title of this pre-valuation or assertion of the impact of the social and cultural environment on the functional performance of the Algerian public administration, but rather choosing the ultimate end of this contribution and considering existential, cognitive and valued in its purposes, and in the light of the foregoing, a problem has been addressed according to the following formulation: To what extent has been the Algerian public administration in its construction and performance, able to reflect the reality of the outcomes of its social and cultural environment? Through the study and analysis process conducted according to a specific systematic and theoretical path, we have reached the following results: - The environmental analysis of the organized social and cultural environment helps to adapt to its changing environment. - The Algerian Public Administration has inherited a number of distractions and problems, both in the function and in the individuals managing it. - The poor functional performance of the Algerian Public Administration is due to the influence of several factors, perhaps the most notably are the neglect of the philosophy, customs and traditions of Algerian society and the failure to adapt the imported bureaucratic system to the nature of the social and cultural environment prevailing in Algerian society, which is the first building block in the formation and crystallization of the personality of the Algerian individual. We have also reached the following recommendations: - The Algerian Public Administration should be flexible for keep pace with changes in its social and cultural environment and respond to its requirements and understand the philosophy of the Algerian society, using the method of surveys of the reality of organization and its environment by using task forces to study and analyze it, and know the degree to which each variable influences its performance pattern and know how to use it to improve its performance. - Adapting the legal rules to environmental variables at the local and international levels. - Taking full care of the formation of cadres with administrative capabilities capable of making the development projects successful.